الاعلامي محمود كمال.. يكتب / أوباما يقود عملية لإسقاط النظام المصري
قال محمود كمال إن أمريكا لعبت على التقسيم العرقي والطائفي لاكتشافها استحالة فصل النوبة
عن مصر لذا وضعت الإدارة الأمريكية مخططا في الخمسينيات وتم تطويره للتنفيذ في عام 2013 والسؤال الذي يطرح نفسه كيف ساهم الموساد في خطة التقسيم.. مشيرا الى مفاجآت المتورطين بحادث القديسين
واضاف قائلا ان زيارة الرئيس الأسبق اوباما الأخيرة للمنطقة زار أ إسرائيل والسلطة الفلسطينية والأردن دون أن يوجه رسالة لمصر، وهو تغير غير مسبوق في شكل العلاقات بين الدولتين.
و اوضح ان مدير المخابرات اللواء عمر سليمان أكد أن زيارة الرئيس أوباما لإسرائيل لن تناقش التطورات الأمنية ولا قدرات جيش الدفاع الإسرائيلي ولا حتى متطلبات إسرائيل العاجلة التي هي دائما تعتبر بند هام لأي محادثات بين إسرائيل وأمريكا.
مشيرا إلى أن اللواء عمر سليمان، أكد أن تلك الزيارة ستناقش موضوعا واحدا فقط وهو إعطاء الضوء الأخضر لعملية المستنقع المصري، والتي تم كشف شكلها وتحركاتها والمساهمين فيها قبل أن يتم التطرق في الحلقة القادمة إلى الشق العسكري النهائي منها.. لكننا هنا سيتم التركيز على خطة عملية المستنقع المصري التي دفعت بالرئيس الأمريكي لإعطاء الضوء الأخضر.
وذكر ان خطة المستنقع المصري هي خطة حبيسة الأدراج يعود أصلها التاريخي إلى ما بعد الحرب العالمية الثانية، وفي الوقت الذي أدركت فيه الولايات المتحدة الأمريكية أنها سترث الاستعمار القديم بشكل أو بآخر بصرف النظر عن محاولات المقاومة التي تبديها قوى الاستعمار القديم والتي كانت آخر تجلياتها في حرب السويس 1956، والتي كانت أمريكا تنتظرها تماما لتنهي الأمر الى الأبد.منوها ا الحالة المصرية ظلت خاضعة لمتابعة متواترة الأهمية حسب الأوضاع السياسية الدولية، فبينما كانت الولايات المتحدة الأمريكية على وشك أن تسدل الستار على حقبة تاريخية كاملة من الصراع مع الاتحاد السوفييتي بعد برنامج حرب النجوم طفت الحالة المصرية على السطح مرة أخرى ضمن الترتيبات المحتملة في منطقة الشرق الأوسط استباقا لانهيار رآه الأمريكان قادما من الاتحاد السوفييتي فتم تحديث الكثير من البيانات والتأكد من كفاءة المصادر.
واشار الى ان بداية من عام 2001 بدأ الاهتمام بالحالة المصرية يأخذ شكلا عمليا بصورة أكبر عبر دعم مجموعات من المجتمع المدني و المؤسسات العاملة في ذلك المجال، كما جرى الدفع بالعديد من المانحين والتي على رأسهم مؤسسة فورد فاونديشن؛ لتوفر دعما كبيرا لقطاعات معينة في مصر وفقا لفارق العملة بالطبع.. ليمتد ذلك أيضا إلى برامج تعميق الديمقراطية التي كثرت في الفترة الأخيرة من حكم مبارك والتي اهتمت أكثر من أي وقت مضى بتحليل المجتمع، فمارست تلك الجمعيات والمؤسسات الكثير من التحليل العلمي لمكونات المجتمع المصري وأصبحت تملك قاعدة بيانات أفضل مما يتواجد لدى الحكومة المصرية نفسها.
واوضح انه بحلول النصف الأخير من عام 2010 استنفرت قطاعات مرتبطة بالحالة المصرية لتقوم بعمل مراجعة شاملة لكل البيانات والتأكد من المصادر، بينما جرى عقد ثلاثة اجتماعات على مدار النصف الأخير من العام بين منفذين من الولايات المتحدة الأمريكية وبين منفذين بالإدارة الإسرائيلية.ومع بداية أحداث الثورة المصرية كان على أرض مصر أكثر من أي وقت مضى عدد من الزوار الأمريكان دخلوا مصر قبل أحداث كنيسة القديسين وظلوا بها لعدة أشهر بعد قيام الثورة وتم رصد لقاءات غير مبررة جمعت البعض منهم مواطنين ينتمون للحزام العشوائي في محيط القاهرة الكبرى والإسكندرية ومنطقة القنال.
وظلت مصر تحت مراقبة دقيقة في تلك الفترة من العديد من الأجهزة لكن معلومات مؤكدة سننشرها بصورة منفصلة وتفصيلا أكدت وجود عناصر من العديد من الأجهزة داخل مصر وبصفة خاصة بالقاهرة خلال تلك الفترة.
وفي تلك الفترة، كانت الولايات المتحدة الأمريكية وبعد سلسلة من الاجتماعات داخل الإدارات الخاصة قد حسمت أمرها بدعم تولي محمد مرسي دون غيره لمنصب الرئاسة، وبعكس ما يظن البعض أن الكثير من المصالح الأمريكية في مصر والمنطقة سيحققها محمد مرسي ومن أكبر هذه المصالح تحقيق الحالة التي يحتاجها الرئيس الأمريكي ليعطي الضوء الأخضر لعملية المستنقع المصري.
أما عملية المستنقع المصري تم إعطاء الضوء الأخضر تحديدا أثناء زيارة الرئيس الأمريكي لإسرائيل، وهذا يرجع إلى ماهية عملية المستنقع المصري نفسها.
عملية المستنقع المصري هي الشكل التنفيذي الذي يشمل أسماء أفراد وجماعات وتسهيلات لوجستية وأيضا شق اقتصادي يشمل الحديث عن معدل تضخم محدد ومقدار العجز في تقديم الخدمات الأساسية، إلى جانب اختبارات حقيقية يجريها أفراد لسرعة تلبية أجهزة الأمن للمثيرات المختلفة وزمن التلبية وفقا لحالة الطرق وغيرها.
في النهاية فإن المستنقع المصري هو اللحظة التي يضغط فيها الرئيس الأمريكي وفقا لإرادة الأجهزة التي تحرك الإدارة الأمريكية على الزر ليبدأ سيناريو التفتيت المخطط له منذ الخمسينيات والذي جرى تطويره طوال الوقت بمنتهى الدقة لكن هناك محددات تجعل الرئيس الأمريكي أيا كان اسمه يضغط على الزر ويقرر إعطاء الضوء الأخضر من عدمه وهذه العوامل محددة وليست على سبيل المثال كما يلي:
وصول كراهية الشعب للنظام إلى الحد الذي لا ينتظر منه أن يتعاون مع ممثلي النظام.
استعداد الشعب لممارسة العنف ضد قوى الأمن الداخلي.
إدراك القدرة على الإفلات من العقاب وفقا لتعداد الميليشيات الداعمة لفرد ما أو فصيل ما أو توجه ما.
معدل التضخم يقلص سلة الغذاء المتاحة للطبقات المتوسطة.
كشف وتعرية رموز النظام.
قلة مخزون الغذاء لحدود الخطر.
ووفقا لذلك فإن زيارة أوباما الأخيرة لإسرائيل تأتي بعد أن تحققت الشروط، وخلال تلك الزيارة لإسرائيل ووفقا لما كان يعلمه اللواءةعمر سليمان فإن زيارة لأعلى مستويات السلطة سواء في إسرائيل أو أمريكا يجب أن تتم قبل لحظة إعطاء الضوء الأخضر، وكان من المخطط أن يكون رئيس الوزراء الإسرائيلي أيا كان اسمه هو من يأتي إلى واشنطن للتباحث على التفاصيل النهائية مصطحبا فريقا محددا، لكن وبظروف وصول بنيامين نتنياهو للسلطة في إسرائيل ولأن أوباما يريد أن يقدم لإسرائيل (الشعب) رسالة خاصة عبر زيارة خاصة لا يمر فيها على مصر، فإن الترتيبات النهائية يبدو أنها تغيرت قليلا في الشكل عما كان لدى عمر سليمان من معلومات وبدلا من ذهاب رئيس الوزراء الإسرائيلي بالفريق الخاص لمناقشة الترتيبات النهائية لأمريكا فإن أوباما زار إسرائيل مصطحبا الفريق الخاص بالعملية.
وهنا يجب أن نمر سريعا على وضع الجيش ضمن تلك العملية، فالجيش ووفقا لتقديرات دقيقة لن يستطيع التدخل قبل أن يبقى على الحياد لفترة طويلة يدرك خلالها أن هناك عنفا قادما على الطريق دون أن يكون لديه القدرة على التدخل وإلا اتهم بالانقلاب على الشرعية وأصبح من الجيوش التي تتسبب في توقيع عقوبات على دولها عبر الأمم المتحدة، ولذلك فإن الجيش لن يستطيع التدخل إلا وفقا لمعايير محددة وضعتها الأمم المتحدة لحالات تدخل الجيوش في الحياة المدنية، وهي حالات الشغب العام الذي يسود مناطق جغرافية واسعة من الدولة.
لكن الجيش عندما يتدخل وفقا لذلك الطرح فإنه سيكون فقط مضطرا للتدخل لفرض مناطق آمنة في بعض المناطق دون غيرها؛ خشية تطور الأمر لصدام له شكل حرب أهلية.
هنا سنكون قد وصلنا للشكل النهائي والذي سيدفع بالتدخل الأجنبي في النهاية وفقا لـ (المستنقع المصري) فهنا سيمكن للقيادة الأمريكية أن تدفع بالقوة أفريكوم للتدخل تحت ذرائع لا تقبل الجدل وتحت مظلة دولية ممكنة وهي: حماية الممر الملاحي، إجلاء الرعايا الأجانب، حماية الأقليات، توفير المساعدات الغذائية والطبية.
لكن يبقى أن السيناريو الذي توصل له عمر سليمان له نقاط ضعف كثيرة بعضها أصبح لا يمكن معالجته لأنه أصبح أمرا واقعا كوصول محمد مرسي للرئاسة، أما بعضها الآخر فيمكن تداركه عبر التحرك السريع للجيش للسيطرة على الدولة قبل أن يتحول الأمر لمستنقع مصري قولا وفعلا وتصبح الأمور مجرد مسألة وقت قبل تدخل قوة أفريكوم المنتظرة والتي تتدرب لتلك اللحظة.
وكانت أمريكا تنظر لدول الاستعمار القديم باعتبارها مارست شكلا تقليديا من الاستعمار وأخطأت كثيرا بالتعامل مع الأمور كما هي، وهو ما وجده الخبراء الأمريكيون أنه حفظ لتلك الدول التي عانت الاستعمار شكلا من أشكال السيادة وشكلا من أشكال القدرة على بقاء الدولة.. وبالتالي شكلا من أشكال القدرة على المقاومة لكن أمريكا قررت في ذلك الوقت أن الأفضل بالنسبة لها هو ممارسة شكل آخر، لن تتعامل مع كل دولة على انفراد لكنها ستتعامل مع كل جزء من أجزاء الدولة (كدويلة) وهو الشكل الجديد الذي وجدت أنه سيكون محققا للمعادلة الجديدة التي تنفي تماما مقولة السيد ونستون تشرشل بأن الاستعمار مشروع اقتصادي فاشل.
ووفقا لتلك الرؤية دشنت الولايات المتحدة الأمريكية مشروعا باهظ التكلفة لدراسة شعوب المنطقة دراسة حقيقية، اعتمدوا فيها كثيرا على خبرات لمستشرقين إنجليز وفرنسيين وتعاونوا فيه تماما مع بعض الأتراك خاصة ممن كانت لهم خبرة الخدمة في تلك المنطقة كمنفذين لينتهي المشروع مع بدايات عام 1960 بمجموعة من التوصيات والاستنتاجات التي تحدثت عن قابلية دول مثل العراق وسوريا للتقسيم على أساس طائفي وعرقي يعززه تقسيم ديموغرافي موجود على الأرض حاليا.
أما في حالة مصر وهي ما نتحدث عنه هنا فإن الأمر وضع سؤالا أكثر مما طرح حلا فهناك بالفعل اختلافات وهناك بالفعل حساسيات خاصة لكن على مدار عصور ممتدة لم ينشئ المصريون مناطق ديموغرافية ممثلة لعرق أو دين.
وانتهى التقرير بأن المفارقة اللافتة أن الحرب العالمية الثانية أيضا ساهمت في عدم بروز أي محاولات لصنع ذلك التمييز الديموغرافي على الأرض نتيجة للهجرات الطارئة التي حدثت داخل مصر نفسها من مناطق معرضة للقصف إلى مناطق أهدأ، وأن الكثير من الأسر التي مارست الهجرة الداخلية لم تعد لمناطقها الأصلية بعد أن كونت مشاريع تجارية متناهية الصغر خاصة بها أثناء فترة الحرب العالمية.
وكان اللافت للنظر أن حتى الحديث عن مناطق النوبة جاء مخيبا للآمال، فضمن بعثة استكشافية دخلت مصر قادمة من السودان متجهة إلى الإسكندرية ومرت أثناء ذلك حتى بما نعرفه مؤخرا بـ (توشكى) فإنهم لم يلحظوا لدى (الشعوب) التي مروا بها أي وعي له شكل خاص عن مكون الدولة المركزية وحتى في حالة تنمية ذلك الوعي فهم أضعف من أن يمارسوا ما يميزهم رغم وجود شكل ديموغرافي لوجودهم لكنهم أضعف وأقل وعيا من أن يلتفتوا لهذا الأمر.
وكنتيجة مباشرة لهذا الأمر عكف فريق من الدارسين على تحليل الحالة المصرية كما صنف الأمر ضمن أوراقهم وخرجوا بتوصيات كثيرة جاء بعضها مثيرا للسخرية كالتوصيات التي خرجت تتحدث عن تنمية مناطق بعينها في مصر دون أخرى سواء عبر الحكومة المصرية أو جماعات الصداقة، وهي المسمى القديم لمنظمات المجتمع المدني، لينتهي الأمر إلى أنه مازال مبكرا للحديث عن كل ذلك ما لم يطرأ جديد على الساحة المصرية.
وبقي الأمر حبيس الأدراج حتى عام 1954 حيث جرى إثارة الأمر من جديد ودراسته بناء على تواصل بين أجهزة المعلومات الإسرائيلية والأمريكية كان يخص في الأساس الحالة الكردية في سوريا والعراق، وعلى هامشه تحدث الإسرائيليون عن أنهم بخلاف الأمريكان يرون فرصة سانحة في مصر لا يراها الأمريكان وأنهم بحكم قربهم وفهمهم للطبيعة المصرية يدركون أن الإدارات الأمريكية درست المسألة المصرية من منطلقات خاطئة انتهت بالضرورة إلى نهايات خاطئة ومضللة.
الغريب أن يصبح الحديث الهامشي الذي دار في مطلع عام 1954 هاما لدرجة لم يتخيلها أحد فضمن واحدة من صفقات السلاح الشهيرة في تلك الفترة بين الإدارة الأمريكية والإدارة الإسرائيلية كانت المفاجأة من نصيب الإدارة الإسرائيلية التي وجدت الجانب الأمريكي يصر على أن منطق الصداقة المشتركة يحتم على إسرائيل أن تسمح بانتداب الميجور جنرال (درعي أفيجدور) للعمل مع فريق الحالة المصرية في أمريكا وعن قرب.
لم يكن هناك كثير من التحفظات من الجانب الإسرائيلي على الأمر وبالتالي فإن الميجور جنرال درعي أفيجدور انتقل فعليا إلى الولايات المتحدة الأمريكية ليمارس ما أسماه مسؤول وحدة الحالة المصرية هناك ( كنس الغبار) فالميجور جنرال الإسرائيلي ترك مسؤولي الوحدة يتحدثون كثيرا قبل أن يعلق على كل ما ذكروه حول صعوبة التقسيم لدول طائفية داخل مصر أو على أساس عرقي بأنهم يتحدثون عن دولة أخرى غير التي يعرفها.
وجاء رد الميجور جنرال الإسرائيلي أن مصر لا يمكن تقسيمها بالفعل إلى دول أو دويلات، ولكن هنا كانت المفاجأة من نصيب كل من حضر ذلك اللقاء فإن مصر يمكن تقسيمها إلى شوارع.
بقدر ما كان ما قاله الرجل صعبا على الفهم بقدر ما كان له وجاهته عندما بدأ الشرح ليوضح أن التقسيم على أساس طائفي لا يؤدي لشيء، هو سيأتي فيما بعد حتما لكن البداية لن تكون كذلك ولو حللنا مكونات المعادلة فإن الأمر يصبح أكثر بساطة.
هناك دولة مركزية عمرها طويل للغاية ولو اختفى الشكل التقليدي للدولة لن يصبح لدينا طوائف متصارعة ولا أعراق متصارعة، المصريون لا يفهمون ذلك لكنهم يفهمون أن قوى الأمن الداخلي وهو ما فسره الجنرال الإسرائيلي بأن قوى الأمن هي الشرطة والأجهزة الأمنية السرية التي يخشاها المصريون وهي الدولة.. والدولة هي التي تحول دائما بين صدامات من الصعب على من هو ليس مصري بالأساس أن يفهمها ولو اختفت تلك القوى فإن مشاجرات بسيطة في الجنوب المصري قد تقسم قرى ومدن صغيرة وتخرجها من إطار الدولة.
والأمر نفسه صالح داخل المدن الكبرى في حالة اختفاء قوات الأمن الداخلي؛ حيث ستكون الغلبة في الشارع للأقوى وستكون هناك مصادمات ونزاعات طائفية ولكن في نطاق الشوارع وليس الدولة لكن كل صدام في المنطقة (أ) سيستدعي انتقاما غير منطقيا في المناطق (ب) و(ج) وهكذا.
هي حالة سيولة سوف تدفع بالبعض إلى الاحتماء بشيء ما، هم حاليا يحتمون بالدولة وتحديدا بقوى الأمن الداخلي لكن لو اختفى كل ذلك فإن المسلمين سيحتمون بالجامع الأعلى صوتا في مواجهة المسيحيين واليهود (كانت ما تزال في مصر طائفة يهودية في ذلك الوقت) وسيحتمي المسيحيون تحديدا بالكنيسة وسيصبح أكثر الأشياء طلبا في الشارع هو السلاح الخفيف الذي يمكننا جميعا تمريره عبر الحدود، ومع الوقت ستكون هناك جماعات تتولى تأمين الشوارع وهي أيضا مع الوقت ستمارس شكلا من أشكال الحكومة المحلية.. وهي المحلية بأضيق أشكالها ربما في نطاق كيلومترات معدودة، تلك الحكومات المحلية الصغيرة ستتصادم مع بعضها وتتحالف وتندمج وتنفصل لكن لن يكون هناك من يدعي حقيقة بأنه يحكم مصر.
عندما أنهي الرجل حديثه كان الجميع ينظر له بدهشة، لكن حوارات أخرى كثيرة جرت بعد ذلك انتهت إلى أن أفضل ما يمكن فعله في الحالة المصرية ليس الدفع نحو تقسيم عرقي ولا طائفي ولا غير ذلك من الأشكال لكن فقط كل ما يحتاجونه هو إضعاف القبضة المركزية وتبخر جهاز الأمن الداخلي.
وبعد دراسات مكثفة للحالة خرجت الوحدة بأنه في الحالة المصرية فإن الأمر لن يكون مكلفا بعكس ما كان الاعتقاد في البداية فكل ما هو مطلوب أن ينخفض مستوى دخل المصريين سواء بسبب الحرب أو بسبب المشاريع الاقتصادية الخاسرة، مع جعل مصر ولفترة طويلة تشبه قطعة الفلين لا تغرق تماما ولا تطفوا تماما، وهو المناخ الذي يدفع الدولة إلى التغاضي عن بعض الممارسات التي يقوم بها البعض خصما من سلطة الدولة التي تعجز عن الوفاء ببعض الاحتياجات، وطالما أن هناك من يقوم بذلك بديلا عن الدولة فإن من حقه أن يطالب وأن يأخذ بعض سلطاتها.
لم تنته الدراسات المعمقة للأمر قبل عام 1970، وهو ما يعني أن الأمر قد تواصل على مدار عقود جرى دائما خلالها تحديث البيانات والمعلومات وتطوير وحدة البحث نفسها لكن وسط كل ذلك كان هناك هاجس من تسرب أي أخبار عما يدرسون، لكن في النهاية كان هناك رأي بأن تسريبات عن الأمر يجب أن تخرج للصحافة بشكل أو بآخر.
كانت عملية تعمية واسعة لكنها تمت بالفعل ليتم خلال السنوات التالية تسريب نسخ لخرائط نسبت إلى المخابرات الأمريكية وتفاصيل انفرد بها بعض كبار الكتاب في واشنطن، لكن في النهاية لم يذكر أحدهم كلمة شارع أو يتحدث عن قوى الأمن الداخلي في أي مرة نشر فيها تسريبات عن ذلك. واكتفى بعض المطلعين في الشرق الأوسط بما يقع من يدهم من أسرار عن طريق الترجمة ليسهموا دون قصد في خطة الإلهاء والتعمية التي وضعت على غرار خطط التعمية للعمليات العسكرية التي تشترط وضع خطة تعمية تحيط بكل عملية عسكرية حقيقية وهو أسلوب تتبعه المدرسة الأمريكية وإن كانت المدرسة السوفييتية لجأت إليه أحيانا دون أن تحقق نجاحات كبيرة في ذلك المجال.
أما ما هي القوة أفريكوم ودورها في المخطط الأمريكي.. فسيكون عنوان الحلقة الخامسة من مذكرات عمر سليمان.
من مذكرات عمر سليمان اللي نزلتها في ست حلقات من تسع سنين